على الرغم من حاجة الشركات إلى أشخاص ذوي كفاءة أعلى، إلا أنهم أيضا يغفلون مصدرا جيدا لتلك الكفاءات، ألا وهو الكادر الحالي من العاملين في الشركة. وبينما تنفق الشركات العالمية الغربية الكثير من الأموال على تدريب موظفيها، لا زالت الشركات المحلية تغفل أهمية تدريب كوادرها الحالية وتطوير مهاراتهم، وتتردد في صرف الأموال على الدورات التدريبية. هذه المشكلة أشار إليها حسون بالقول: ''الكثير من الشركات في المنطقة لا تأبه لأهمية التدريب لنمو الشركة، حتى أنهم عندما يقومون بوضع خطة للعمل لا تكون مسألة التدريب حاضرة على جدول أعمالهم، وإن حضرت فلا تحتل إلا أسفل القائمة، وهذا يعد خطأ كبيرا''.
تنصح معظم شركات التدريب الشركات الأخرى بأن تتيح للعاملين في تقنية المعلومات لديها الحصول على أربعة أسابيع من التدريب كل عام، وبذلك تضمن هذه الشركات تطوير خبرات عامليها وصقلها على نحو دوري. إلا أن استجابة الشركات لتلك النصيحة ضعيفة ولا يزال هناك تقصير كبير في مجال التدريب في المنطقة. ما يؤكد ذلك هو ما أشار إليه الاستطلاع من نتائج، حيث أشار 46% من المشاركين إلى أنهم لم يتلقوا أي تدريب في العام الفائت. حتى الشركات التي وعت أهمية هذه المسألة تجد في إرسال موظفيها لإجراء دورات مضيعة كبيرة لوقتهم وربما تؤدي إلى كثير من المشاكل.
تحظى مسألة التدريب الدوري لموظفي تقنية المعلومات في الشركات بأهمية كبيرة نتيجة للتغير الدائم الذي يشهده هذا القطاع يوما بعد يوم. وفي المقابل غالبا ما تتسبب الحاجة إلى ترك الموظفين لعملهم مدة شهر واحد في العام من أجل التدريب بمشاكل كثيرة في مواعيد وأعمال الشركات، لا يستثنى من ذلك الشركات التي تركز على مسألة تدريب موظفها وتحرص عليها. وفي هذا الإطار يقول حسون: ''تبدأ المشكلة عندما تنوي الشركة تدريب موظفيها، فمعظم المدراء لا يجدون وقتا كافيا متاحا يحصل خلاله الموظفون على التدريب المطلوب، ما يدفعهم إلى إلغاء هذه العملية من الأساس''. وتتفاقم هذه المشكلة طبعا في حالة الشركات التي تمتلك فريقا صغيرا في قسم تقنية المعلومات لديها، والتي ربما لا يكون فيها إلا خبير واحد في مجال الشبكات مثلا. إلا أن هناك حلولا لهذه المشكلة، وذلك عبر اعتماد طرق خاصة في التدريب، كاعتماد طريقة مزدوجة من خلال الدروس التقليدية مع المدرس والتعليم الإلكتروني عبر الإنترنت والوسائط المتعددة، بحيث يتم خفض عدد الساعات التي يغيب فيها الموظف عن عمله. ووفقا لغابرييل: ''يمكن لهذه الطريقة أن تكون الحل الناجع لمثل تلك الشركات الصغيرة، بحيث يتم تدريب العاملين في مجال التقنية دون الابتعاد عن مكاتبهم ما يجعلهم قريبين عند الحاجة''.
لا بد أن الموظفين سيسعدون، إذا أتيحت لهم الفرصة، للخضوع لدورات تدريبية من شأنها أن تزيد من خبراتهم وربما تفيدهم في المستقبل أيضا عند الانتقال من شركة إلى أخرى. ما يؤيد ذلك هو ما أشار إليه ما نسبته 38% من المشاركين في الاستطلاع إلى أنهم ربما يتركون عملهم الحالي وينتقلون إلى عمل آخر أكثر تحديا. هذا يعكس أهمية التدريب الذاتي لأولئك واهتمامهم الكبير بتطوير مهاراتهم وخبراتهم. هذا ما أشارت إليه شافر بالقول: ''عندما لا تتوفر البيئة الملائمة للتطور في الشركات التي يعمل فيها الموظف، لا بد أنه سيسعى إلى عمل آخر. فالحصول على مقدار أكبر من المال ليس الدافع الأوحد وراء الانتقال إلى شركة أخرى، إذ أن الأهم من ذلك هو الانضمام إلى شركة يجدون فيها الجو الملائم لتطوير خبراتهم ومهاراتهم''.
هذا وتتطلع الغالبية العظمى من العاملين في قطاع التقنية في المنطقة إلى التدريب، سيما أنهم يؤمنون بأهميته لمستقبلهم وعملهم الحالي. ولما كانت الشركات لا تزال غير آبهة بالاستثمار في هذه المسألة، فيبدو أن هؤلاء العاملين لن يحصلوا على ما يريدون مما سيؤدي إلى تركهم لعملهم. تدلل شافر على مدى خطورة تلك المسألة قائلة: ''لا بد أن تفقد الشركات الكثير من كوادرها إذا بقيت على تلك الحال من إنكار أهمية التدريب وعدم صرف الأموال عليه، ذلك أن هؤلاء العاملين سيسعون إلى الانتقال إلى أماكن أخرى تؤمن لهم تطوير خبراتهم ومهاراتهم على النحو المطلوب''.