وسام التميز : تاريخ التسجيل : 01/01/1970
| موضوع: ما هي طبيعة العلاقة بين الزوجين؟ الإثنين ديسمبر 15, 2008 9:43 pm | |
| ما هي طبيعة العلاقة بين الزوجين؟
| * حيدر البصري إن الكثير من الكتاب يطلق على الأسرة، أو العلاقة بين الزوجين بأنها علاقة اندماج وانصهار وبأن الزواج هو في الواقع مركب. فإذا كان الأمر كذلك ـ كون الزواج مركب ـ فما هي طبيعة هذا الاندماج والمركب يا ترى؟ ((فهل هو يا ترى من نوع تلك المركبات الكيميائية التي يلغي المركب فيها أجزاءه بالكامل ليولد لنا عنصراً جديداً لا ذكر للأجزاء فيه إلا على مستوى ذكر المكونات فقط؟ أم أنه من نوع المركبات التي يطغى فيها جانب أحد جزئيها على الجزء الآخر؟ أم أنه ذلك النوع الذي يبقى كل من طرفيه يحتفظ بوجوده))؟ إن الجواب عن هذا السؤال بأحد الاحتمالات الثلاثة المتقدمة قد يثير شكاً في نفوس البعض لكون الجواب قد ينتقض بما قد يكون عليه الواقع في بعض المجتمعات مما قد يخالف الرأي المختار. فمثلاً لو قيل بأن الأسرة هي من نوع المركبات التي تذوب فيه أجزاءه تماماً أي من النوع الأول المتقدم الذكر، فقد ينقضه البعض بغلبة الزوج في بعض المجتمعات، أو بالعكس في بعضها الآخر فينتقض الجواب. نقول وكما سبق أن قدمنا بأن صحة النظرية وعدم صحتها لا يمكن الحكم عليه من خلال التصرف الخاطئ للعامة من الناس الذين يخالفون في سلوكياتهم تلك النظريات. إنما صحة النظرية من عدمه إنما يؤخذ من أولئك الذين يعتنقون النظرية، ويقومون بتطبيقها بحذافيرها، أو أن يرجع إلى نفس تلك النظريات فيعرف صحة الجواب من عدمه. بعبارة أوضح إننا نحكم من خلال النظرية على سلوك الأفراد لا من خلال سلوك الأفراد على صحة ما ينسب إلى النظرية من عدمه. إذن فما قد يرد من البعض من الإشكال على ما نورد من الجواب من خلال سلوكيات البعض الذي ينافي الرأي المختار لا يمكنه أن ينقض الرأي المختار. بعدما تقدم نقول أن الأسرة لا يمكن أن تكون من نوع المركب الأول ـ وهو الذي يلغي أجزاءه تماماً ـ وذلك أنه من غير الممكن أن تكون سفينة الأسرة بلا قائد يمكن أن يقود تلك السفينة إلى بر الأمان. كما أنه من غير المعقول أن يكون من نوع المركبات التي تطغى فيها شخصية أحد كرفي المركب على حساب الآخر بحيث تذوب فيه شخصية الآخر فالدين الإسلامي لا ينظر إلى الزواج وتكوين الأسرة على أنه من النوع الأول الذي تلغى فيه شخصية كل من الطرفين، إنما يرى بأن الأسرة أمانة ثقيلة تكون في عهدة قائد يأخذ بيدها نحو هدفها المنشود، والمنوط بها ألا وهو امداد المجتمع باللبنات الصالحة التي بصلاحها مع صلاح غيرها يصلح المجتمع وتنتشر فيه الفضيلة والخير. كما أنه لا يريد للأسرة أن يطغى فيها أحد الزوجين ويسيطر سيطرة قائد متسلط بحيث تفنى كل شخصية أمام شخصيته ويصادر كل رأي حين يبدي هذا القائد المتسلط رأيه. ولكن الإسلام يجعل من الأسرة مؤسسة اجتماعية أنيطت قيادتها إلى أحد الطرفين ولكن لا على أساس سيطرة هذا الطرف سيطرة الديكتاتور على أفراد مملكته بحيث لا يمكن لأحد أن يبدي رأيه في وجود ذلك الديكتاتور، ولكن الأمر هو أن هذا القائد لا يمكنه أن يصادر آراء الطرف الآخر، ولا يمكن أن يفني شخصية ذلك الطرف. مَن يقود الأسرة؟ تقدم أن الأركان التي تتكون منها الأسرة هي: 1 ـ الرجل أو الزوج. 2 ـ المرأة أو الزوجة. 3 ـ الأولاد. هنا نقول على عهدة مَن من الأركان الذين سبق ذكرهم تقع مسؤولية قيادة الأسرة. إن هذه المسؤولية ـ مسؤولية القيادة ـ ((لا يمكن أن تقع على عاتق الأولاد، لأن الأولاد هم بحاجة إلى مضن يدير لهم شؤونهم، يبقى ـ هناك ـ شخصان آخران مرشحان لإدارة الأسرة)) وهذان المرشحان هما: 1 ـ الرجل: الزوج. 2 ـ المرأة: الزوجة. فمن المرشح الأوفر حظاً والذي أنيطت به هذه المهمة الخطيرة؟ وهل أن الاختيار لمن يقود الأسرة قد وقع اعتباطاً، وبناءً على النظرة الفوقية ـ للبعض ـ إلى الرجل والتي ترفع من شأن الرجل على المرأة أم أن هذا الاختيار وقع بناءً على حسابات حكيمة؟ إن الرجل هو الطرف الذي اختاره الإسلام وأناط به مهمة قيادة الأسرة، ولكن الشيء المهم والذي لابد من توجيه الأنظار إليه هو أن إناطة مهمة قيادة الأسرة للرجل لا يعني ـ في حقيقته ـ أنه نوع من التفضيل الذي خص الإسلام به الرجل دون المرأة، بقدر ما هو واجب ثقيل ألقي على عاتقه وفق ما يتناسب وطبيعته السيكولوجية والنفسية والعاطفية. ((إن قيادة الرجل في العائلة ليس تكريماً روتينياً للرجل، وإنما هي تحقيق لهدف الزوجية، وتكريس لخصائص طرفي الزواج، تماماً كما أن طاعة الزوجة للزوج، ليس تخلفاً مشيناً، وإنما هي استجابة للقيادة في الأسرة)) إذن فلا تذهب الظنون بالمرأة في أن الإسلام قد فضل عليها الرجل لكونه أوكل قيادة الأسرة إليه دونها، بل وعليها التنبه جيداً لأولئك الذين يتصيدون في الماء العكر ـ على ما يقال ـ رغبة منهم في أن يفقد أبناء الإسلام ثقتهم في دينهم مستغلين نقاطاً معينة مفسرين الغرض منها على أهوائهم ووفق ما يخدم مصالحهم وأهدافهم. وبالمقابل ليس على الرجل أن يشمخ بأنفه إلى السماء متصوراً أفضليته على المرأة لمجرد اختياره لقيادة الأسرة، إنما عليه أن يدرك بأن هذا واجباً ثقيلاً وأمانة عليه أن يكون أهلاً لتحملها وتأديتها على أتم وجه. اللاعنف محور تدور حوله وظيفة القيادة: في ضوء ما مر آنفاً يتبين لنا أن طبيعة قيادة الرجل للأسرة ((ليست تسلطاً واستيلاءً،ولذلك فإنها لا تمنع من مساهمة المرأة في الإدارة، غير أنها لا تفرض عليها المساهمة، ولا تكرهها عليها)). وقيادة الرجل ذاتها لا تخرج إطلاقاً عن دائرة المسؤولية إلى دائرة الحكم، بالتعالم بالقسوة، والتطلع بالغلظة في السلوك والمعاشرة، وإن جنحت القيادة إلى ذلك فهي تعبير عن إفلاس الرجل في فهم القيادة وتطبيقها. وفي الواقع فإن قيادة الرجل، قضية مغروسة في لا شعور كل من الرجل والمرأة)). إذن فطبيعة قيادة الرجل للأسرة لم تكن مبنية على أساس العنف،ولم تكن فلسفة إعطاء الرجل قيادة الأسرة مبنية على أ ساس أن الرجل يمتلك القوة العضلية التي يمكنه من خلالها التحكم والسيطرة. طريقة إدارة الأسرة لا يمكن أن تعتمد العنف: يترتب على ما تقدم ذكره أنه إن كان قائد الأسرة يريد أن يصل إلى الدرجة المثلى في قيادته لأسرته فليس عليه أن يتبع الأسلوب العنيف في ذلك، فليس الزوجين في حلبة صراع تكون الأفضلية والفوز فيها للأقوى، ولكن إن كان القائد يهدف إلى أن يُطيع الآخر ((فعليه أن يخضعه بطريقة إنسانية، وليس بطريقة وحشية أو تسلطية وما إلى ذلك)). هل يمكن للمرأة أن تقود الأسرة: قد يقال بأنه إذا كان الملاك هو الوعي، في قيادة الأسرة، وليس الملاك التفوق العضلي فلماذا لا توكل مهمة قيادة الأسرة إلى المرأة، وخصوصاً لو كانت تمتلك وعياً أكثر من الزوج؟ نقول أنه ليس هناك مانع عقلي يمنع من قيادة الزوجة للأسرة، ولكن هناك أمور قد عجنت بفطرة المرأة لو أنها تمكنت من التخلص منها لما كان هناك أي مانع من تولي المرأة مهمة قيادة الأسرة وتمشية أمورها. إن ((المرأة بحكم طبيعتها الرقيقة، وعاطفتها الأنثوية، وبحكم امتلاكها للمفاتن الخاصة لا تستطيع أن تدير هذه المؤسسة، وعلى الأقل فإنها لا تستطيع أن تقود الرجل)). فالمعروف أن من المواقف ـ التي تمر بها الأسرة ـ ما يحتاج إلى الشدة وتنحية كل ما يمت إلى العاطفة بصلة، كما لو توقف علاج الابن على أن يمنع من الطعام لفترة من النهار، فهل تتمكن الأم يا ترى من أن تسيطر على عاطفتها الجياشة في قبال تضور ولدها من الجوع وصراخه منه حيث لا يعرف أن الأمر يعود بالنفع عليه لا بالضرر؟ ثم هل تستطيع المرأة أن تقفز فوق تركيبتها العضوية لتقف بشجاعة في قبال ما قد يتهدد الأسرة من المخاطر؟ أم هل يمكنها تحمل ما يحل بالأسرة من نائبة بصبر لكي لا يختل ميزان سير الأسرة؟ إن هذه الأمور هي مما عجنت به فطرة المرأة، ومما لا خلاص لها منه فكيف يمكنها أن تقف على نهج واحد في قبال صروف الدهر، وما يحل بالأسرة من نوائب ومصاعب.
|
| |
|