قوة تأثير وسيطرة الأداء الصوتي
إن الصوت هو أداة التعبير عن الشخصية فإذا اتسم صوت المحامي بالقوة فأنه يعبر عن الثقة بالنفس.
أما إذا كان الصوت ضعيفاً فسيعده الآخرين متخاذلاً فالصوت هو الذي يعبر عن الانفعالات الشخصية ويجب على المحامي أن يتحدث بطلاقه وأن يتجنب بطئ الحديث والأداء الأمثل هو الإبطاء بالقدر الذي يمكن للآخرين متابعة الحديث ولكن بسرعة كافية تمكنهم من فهم الحديث.
- يجب على المحامي أن يخفض نبرات صوته لأن الصوت الخفيض يفرض التأثير والسيطرة على الآخرين.
- يجب على المحامي أن يغير في مستوى صوته بالارتفاع والانخفاض بطبقات الصوت أثناء الحديث فتغيير مستوى الصوت يدفع المتلقي لتأييد الكلام أو رفضه – إن انخفاض مستوى الصوت يدل على الثقة بالذات والسيطرة وصدق اليقين أما ارتفاع مستوى الصوت فيوحي بالريبة والقلق وعدم الثقة بالذات.
- يجب أن يكون صوت المحامي واضحاً ومسموعاً بدرجة كافية فالصوت الضعيف يعبر دائماً عن مشاعر الخوف ويوحي بالذل والخضوع.
- يجب على المحامي أن يلفظ الكلمات والعبارات بوضوح ودقة تامة لأن ذلك يدل على البراعة الفائقة والثقة بالذات ويدفع المتلقي لأن يتابع الحديث وأن يصغي باهتمام.
يجب على المحامي أن يتبع نظام الوقفات القصيرة بين الكلمات لجذب انتباه المستمع وإيصال فكره معينه له.
- يجب على المحامي أن يتحرى الكذب والخداع في أقوال الطرف الأخر وأن يتمتع ببراعة كشف أمثال هؤلاء الأشخاص من خلال نبرات صوتهم وفي سبيل الوصول إلى معرفة كذب الطرف المقابل يجب على المحامي أن يمعن النظر في الشخص المقابل لإدراك صدق الحديث أو أنه يحاول الخداع لأن ملامح الوجوه ونبرات الصوت والإيماءات دائماً ما تظهر خداع الطرف المقابل وفي سبيل ذلك يجب على المحامي تعلم المهارات الأساسية لتمييز كذب الحديث من صدقه وهذه المهارات:
1- تعبيرات الوجه: إن ملامح وجه الطرف المقابل تظهر مشاعره وأحاسيسه وعواطفه التي يكنها بداخله بالرغم من أن الشخص الذي لديه قدرة على الخداع يمكن أن يخفي تلك التعابير إلا أنه يمكن اكتشافها من خلال نظرات أعين الكاذبين لأن الشخص الكاذب يتفادى النظر للآخرين أثناء الحديث وغالباً ما يرفض أن يقف أو يجلس أمام الشخص الأخر وجهاً لوجه ويحاول دوماً أن يجلس وراء طاولة أو حاجز ليتجنب النظر إليه كما أن الكاذبون قليلاًُ ما يبتسمون وإذا فعلو فبتكلف.
2- الإيماءات الجسدية: يحاول الكاذبون أن يبقوا أيديهم ساكنة أو يخفوها والتقليل من حركاتهم وغالبا ما يشغلوا بلمس أنفسهم فدائما يلمسون أنفهم وذقونهم وأفواههم.
3- تعبيرات الصوت: يتسم حديث الكاذب بارتفاع نبرات صوته في نهاية عباراته بالإضافة إلى توقفه قليلاً أثناء حديثه وتلعثمه والنطق بعبارات غير مفهومة نظراً لاضطرابه وقلقه.
4- تعبيرات الكلمات: يتسم حديث الكاذبين بالعمومية والبعد عن الذاتية فهم يتجنبون استخدام الضمائر الشخصية أنا ونحن الأمر الذي يبعث الريبة والشك في مصداقية حديثهم.
عملية كشف الكذب
هناك ثلاث خطوات لكشف الكاذبين:
أولاً: البحث عن التناقضات والأخطاء التي تقع في الحديث تسبب هفوات الذاكرة وزلات اللسان يجب تدوين هذه التناقضات.
ثانياً: أجراء مقارنة بين محادثتين مختلفتين يجب فحص التناقضات في الكلام التي يقوله الشخص وخلال لقاءين منفصلين.
ثالثاً: البحث عن التناقضات في الرسائل الكلامية وغير الكلامية من خلال ملاحظة الصوت أثناء الكلام وعيني الشخص ويديه والإنصات لارتفاع نبرات الصوت وحركات اليدين والايمياءات مثل لمس الأنف فإذا كان هناك فجوة بين ما يتلفظ به الشخص وبين تلك التعبيرات الحركية فيكون الشخص كاذباً.
أهمية الكلمة في الإقناع
- يجب على المحامي أن يتحدث بطريقة الإثبات في اللغة وأن يستخدم كلمات تتصل بما يتوقع حدوثه ويجب التحدث بطريقة التأكيد من خلال وصف الذات والمعتقدات والإنجازات الشخصية على نحو إيجابي صادق.
- يجب على المحامي تحمل المسؤولية فبدلاً من إلقاء اللائمة على الآخرين يجب أن يمسك زمام الأمور ويتحمل المسؤولية باستخدام كلامات تدل على ذلك.
- يجب على المحامي أن يبتغي المكسب المشترك من خلال استخدام عبارات التعاون وتكاتف الجهود واستخدام قاعدة المكسب للجميع.
- يجب على المحامي أن يتحدث على نحو قاطع من خلال التمتع بالصراحة والوضوح بالقول وعدم الإسراف في استخدام الكلمات والتحدث بلغة متكاملة وتجنب العبارات التي تدخل في النفوس الريبة في مدى الإخلاص والأمانة وعدم اللجوء إلى استخدام العبارات القوية مثل (نهائياً مؤكدا وجداً) ثم التصرف على عكس ما قيل وعدم استخدام عبارات التردد واللعثمة مثل (آه و إه و ها و حسناً) والتي توحي بعدم التأكد وفقدان الثقة بالذات.
- يجب على المحامي أن لا يلجئ إلى الأسئلة المبتذلة التي تأتي في نهاية الجمل وعدم اللجوء إلى الكلمات المطاطة غير اللازمة عندما يكون غير واثق من أمر أو يخشى التورط فيه.
- يجب على المحامي أخيراً تجنب فرط التأدب وهو أحد سمات المتحدث غير الكفء الذي يستخدم عبارات مثل (من فضلك و أشكرك) بصورة متكررة جداً لأن فرط التأدب ينطوي على الجبن وعدم الثقة.
- على المحامي القيام بتفخيم الكلمات الإيجابية والبعد عن الكلمات السلبية والتمسك بالثوابت وعدم خلط الأمور ببعضها.
- على المحامي استخدام التضاد في عباراته مثال ذلك:
(علينا أن لا نحترم القانون من منطلق الخوف بل علينا أن لا نخاف احترام القانون)
وعند استخدام عبارات التضاد يجب الحفاظ على اتزان العبارات من خلال اختيار كلمات قصيرة وسهلة قدر الإمكان وجعل خاتمة العبارتين ايجابية.
- على المحامي الناجح اختيار عبارات مكررة في مواقف معينة على أن لا تزيد الكلمة المكررة عن ثلاث مرات ومثال ذلك:
(أن حق الموكل ثابت بحكم القانون وأن القانون هو القاعدة الفاصلة بين الموكل والخصم والقانون في النهاية سيد الجميع).
ومن المتفق عليه أن التكرار يزيد الإقناع ولكي يكون التكرار ذو فاعليه ينبغي أن يقتصر على الكلمات والعبارات الهامة.
- على المحامي الناجح استخدام الاستعارة في أسلوب كلامه المجازي لأنها توجز الوصف وتوصل الفكرة بشكل سلس ومحبب.
- على المحامي استخدام الدعابة في الإقناع حيث أن الدعابة يمكن أن تكون وسيله فعالة في الإقناع لكونها تجذب الانتباه وتوجد علاقة حميمة بين الطرفين وتجعل الرسالة المراد إيصالها من الكلام قابلة للتذكر وتخفف التوتر وتعزز العلاقة مع الأفراد وتعمل على تحفيزهم.
إن نجاح أي قضية للمحامي يعتمد بالدرجة الأولى على قدرة المحامي على اختلاق موضوع قوي للقضية واستخدام حقائق محددة واستخدام أدلة جديدة إن أمكن.
الأسئلة المتكررة ودورها في الإقناع
- على المحامي أن يتبع أسلوب الأسئلة المتكررة لأن الأسئلة تدفع كل أنواع المعاملات ومنها المرافعات إلى الأمام على عكس الجمل الخبرية التي تضع في طرق النقاش عقبات تتطلب التخلص منها كما يمكن من خلالها التحكم بموضوع النقاش فزمام المبادرة يكون دوماً في يد السائل نتيجة لشعور الطرف الأخر بأنه يتحتم عليه الإجابة.
- على المحامي أن يكثر من استخدام الأسئلة التوجيهية وخاصة عند استجواب الشهود للتأثير عليهم ودفعهم للشهادة وفق توجهات المحامي في القضية.
- يجب على المحامي اعتماد إستراتيجية التركيز والتي تنطوي على قيامه بالتركيز على النقاط القوية لديه في الدعوى والتركيز على نقاط الضعف لدى خصمه والتقليل من نقاط الضعف في الدعوى وأن يضعف نقاط قوة خصمه بهذا الأسلوب يحقق الإقناع الفاعل والمجدي.
وفق هذا المعيار يجب استخدام التكرار للتركيز على النقاط الإيجابية أو السيئة لدى الخصم كما أنه على المحامي أن يعمد إلى إرباك الخصم للتضييق من حدوده والتقليل من قوته ويتم إرباك الطرف الأخر عن طريق تعقيد قضية بسيطة باستخدام المصطلحات بدلاً من اللغة العادية.
يجب استخدام المديح في مواقف معينة لأن الإطراء يضعف الطرف الأخر والمجاملات تزيد الألفة والمحبة.
الخاتمة:
إن الله عز وجل حبا الإنسان بمجموعة من النعم الجسدية من السمع والحركة والكلام وخلق فينا مجموعة من العواطف والأحاسيس والطباع وجعل بينهما ترابط عجيب من خلاله تعكس حركاتنا وتصرفاتنا ونظراتنا طبيعتنا الداخلية وميولنا وعواطفنا ورغباتنا، وعلى المحامي المقنع أن يستفيد من تلك النعم وأن يحاول المقارنة بين الكلمات التي يتفوه بها الشخص وتصرفاته الحركية ونظراته لسبر أغوار الطرف الأخر وفهم مقاصده بهدف تكييف تلك المقاصد بالشكل الذي يوصل إلى إقناع هذا الشخص بالطريقة التي تتفق مع رغباته وميوله كما أنه على المحامي المقنع أن يترجم وبخفة كافة الظواهر المحيطة بالشخص وخاصة مظهره الخارجي بالشكل الذي يمكنه من معرفة الشخصية المقابلة والتحكم في سلوكها وإيصالها إلى الهدف الذي يسعى إليه.