منتدى شباب الطليعة الثقافي
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

منتدى شباب الطليعة الثقافي

لا اله الا الله عدد ما كان, وعدد ما يكون, وعدد الحركات والسكون
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول

 

 قصة العبد مستجاب الدعوة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة


avatar


وسام التميز : قصة العبد مستجاب الدعوة Storm_12
تاريخ التسجيل : 01/01/1970

قصة العبد مستجاب الدعوة Empty
مُساهمةموضوع: قصة العبد مستجاب الدعوة   قصة العبد مستجاب الدعوة I_icon_minitimeالسبت أكتوبر 18, 2008 4:19 pm

كان عبدالله بن المبارك من السلف الصالحين، ومن أفضل رواة الحديث وإمام أهل السنة في خراسان، وكان ابن المبارك من الربانيين في العلم، الموصوفين بالحفظ، والمذكورين بالكرم والزهد، قال عنه ابن حنبل: لم يكن أحد في زمان ابن المبارك أطلب للعلم منه، وقال عنه سفيان بن عيينة: ما رأيت للصحابة فضلاً علي ابن المبارك إلا بصحبتهم للنبي «صلي الله عليه وسلم»، وكان يحج عاما وينفق علي أصحابه من الفقراء والمساكين أثناء رحلتهم للحج، ويخرج للجهاد في سبيل الله في العام الذي يليه، وكان ابن المبارك من الأثرياء، فقد كان ينفق علي الفقراء في كل عام أكثر من مائة ألف درهم في بلاد مختلفة، وحين عوتب علي أنه يفرق أمواله في البلدان المختلفة ولا يخص بها أهل بلده قال:

إنني أعرف مكان قوم لهم فضل وصدق في طلب الحديث فأحسنوه، وقد احتاجوا، فإن تركناهم ضاع علمهم، وإن أعناهم بنوا علمهم لأمة محمد «صلي الله عليه وسلم»، ولا أعلم بعد النبوة أفضل من طلب العلم، هكذا فهم ابن المبارك العالم الزاهد الوظيفة الحقيقية للمال في الحياة الدنيا، وقدر قيمة العلم والعلماء للإسلام والمسلمين.


وسئل ابن المبارك عن الكبر فقال: أن تزدري الناس، وسئل عن العجب فقال: أن تري أن عندك شيئا ليس عند غيرك، وسئل عن خير ما أُعطي الإنسان فقال: غريزة عقل، ثم ظل يسأل: فإن لم يكن؟ فأجاب: حسن أدب، فإن لم يكن؟ أجاب: أخ شقيق تستشيره، فإن لم يكن؟ قال: صمت طويل، فإن لم يكن؟ قال: موت عاجل، وكان ابن المبارك يكثر الجلوس في بيته فقيل له ألا تستوحش؟ فقال: كيف أستوحش وأنا مع النبي «صلي الله عليه وسلم» وأصحابه.


ومع وجود كل هذه الصفات والخصال في ابن المبارك التي تجعله في مصاف أولياء الله الصالحين، فإننا نراه في قصة توضح لنا تواضع العلماء وإيمانهم السلوكي الذي يتعدي القول إلي الفعل من خلال القصة التالية: يروي أن المطر تأخر نزوله حتي أوشكت الأرض علي الجفاف، فهب المسلمون ليصلوا صلاة الاستسقاء في المسجد الحرام وكان من بينهم عبدالله بن المبارك، وانصرف المسلمون من المسجد بعد الصلاة ولم يكن في السماء سحابة واحدة تبشر بنزول المطر، وتأخر عبدالله في المسجد وبينما هو منصرف مع المنصرفين لمح غلاماً أسود يرتدي قطعتين من الخيش ائتزر بإحداهما، ووضع الأخري علي كتفه،

ويروي ابن المبارك لصاحبيه ما حدث قائلاً: فكأنما تعلقت به عيناي فلم أستطع أن أصرفهما عنه، فرأيته ينسل من بين صفوف الناس متجهاً نحو الكعبة، فتبعته دون أن أدري لماذا تبعته، وأخذت أطوف مع الطائفين خلفه، وفجأة انتقل إلي أحد الأركان فانتبذ له مكاناً خفياً وأنا أرقبه دون أن يشعر بي، ثم أخذ يرفع يديه داعياً الله فسمعته يقول: إلهي.. ما كنت أدعوك لولا رقة غلبتني علي عبادك هؤلاء الذين خرجوا يستسقونك بألسنتهم، وهم يحملون في قلوبهم ما من أجله منعت عنا غيث السماء،

اللهم إن اغترارهم بحلمك، ورجاءهم في رحمتك قد أنسياهم الخوف من غضبك وعذابك، اللهم فاجعل هذا لهم لا عليهم، يا واسع الرحمة.. يا غنياً عن العالمين يإ إلهي.. إني ما دعوتك يوماً لنفسي إلا استجبت لي فضلاً منك وكرماً، وهاأنذا أدعوك اليوم لعبادك هؤلاء من أمة نبيك وحبيبك محمد «صلي الله عليه وسلم»، فإن لم تستجب لي خشيت علي نفسي من الاغترار بأنك اصطفيتني وحدي عبداً لك من دونهم أجمعين.. إلهي..يا حليماً ذا أناة، يا من لا يعرف عباده منه إلا الجميل، إن كنت تحبني كما أحبك فاسقهم الساعة..الساعة، ولم يكد يردد الغلام كلمة الساعة حتي تجلت السماء عليه بالغمام، وهطل المطر غزيراً،

ولم يستطع عبدالله بن المبارك - العالم الورع الزاهد الذي تتحدث بعلمه وتقواه الأمم - أن يملك دموعه آنذاك، فأخذ يبكي حتي استمع الغلام إلي بكائه ونحيبه، فالتفت وراءه فرآه، فلم يلبث أن انتفض مذعوراً كأن عقرباً قد لدغه، وانطلق يعدو مسرعاً حتي خرج من المسجد، وتبعه ابن المبارك من علي البعد حتي علم أنه غلام لتاجر كبير يدعي عبدالمولي المدني، وأن اسمه ميمون، فعرض عليه أن يشتريه، فأخبره التاجر أنه غلام صالح لا يصلي إلا في الكعبة، ولكنه ضعيف لا يصلح ولا يقدر علي شيء، ولكنه فقط يتبرك به،

فرد عليه ابن المبارك: لا بأس فأنا لا أريد منه خدمة ولا منفعة، وأضاف التاجر يصارحه: وهو علي الرغم من صلاحه، إلا أنه عبد شهواني فيم يتعلق بالنساء، ولا يؤتمن علي الحرمات، فلما بدت الدهشة علي وجه ابن المبارك، قال له التاجر: إن شئت دعوت لك الجارية السوداء «زيتونة» التي دأب علي مراودتها عن نفسها حتي شكته إلي، وانتابت الدهشة ابن المبارك وصمم علي معرفة تفاصيل قصة هذا الغلام ميمون،


دهش الإمام العالم عبدالله بن المبارك، ولم يصدق ما قاله له التاجر، مالك العبد ميمون من أنه عبد شهواني فيما يتعلق بالنساء، ولا يؤتمن علي الحرمات، وقد دأب علي مراودة الجارية السوادء «زيتونة» عن نفسها حتي شكته إليه، وتحير بن المبارك إذ كيف يكون ذلك وقد رأي بعينيه وسمع بأذنيه ما لميمون من كرامة عند ربه، فقد استجاب الله عز وجل لدعائه في الكعبة في التو واللحظة، وسقط المطر بمجرد أن انتهي من الدعاء؟!،

و لم يصدق ابن المبارك هذا الكلام عن الغلام، واعتقد أن في الأمر شيئاً، وصمم علي شراء الغلام بعشرين ديناراً كما طلب صاحبه.

وفي الطريق سأله ميمون عندما رأي فرحته بشرائه: سيدي.. ما حملك علي شرائي، وأنا ضعيف البدن كما تري لا أطيق الخدمة، وقد كان لك في غيري سعة؟

فأجابه ابن المبارك: بل أنت أخي يا ميمون، وأنا لن أستخدمك، وسأشتري لك منزلا، وأزوجك وأخدمك أنا بنفسي! فبكي ميمون قائلا: لا حول ولا قوة إلا بالله، وظل يرددها قائلا: لم تفعل هذا إلا وقد عرفت سري فأخبرني بالله عليك ماذا عرفت عني؟ فرد ابن المبارك: عرفت أنك مجاب الدعاء.

فسأله ميمون: هل سمعت دعائي أمس في المسجد الحرام؟ فرد ابن المبارك: نعم. فسأله ميمون: وإلي أين أنت ماض بي الآن؟ فرد ابن المبارك: إلي بيت الفضل بن عياض، وهناك موجود معه سفيان بن عيينة، فسأله «ميمون»: وهل أطلعتهما علي سري؟ فأجاب ابن المبارك: بل أخبرتهما بسر الله فيك.

فرد ميمون، سامحك الله.. وطلب منه أن يدخلا المسجد الحرام أولا لكي يصلي ميمون ركعتين، عليه من البارحة، وبعد أن انتهي ميمون، طلب منه ابن المبارك أن يقوما إلي دار الفضل لأنه ينتظرهما. فرد ميمون: يا سيدي.. ينتظرني هنا أمر أكبر من لقاء الفضل، فهل لك أن تحتسب العشرين ديناراً التي دفعتها ثمنا لي؟

فسأله ابن المبارك: تعني أنك تريد مني أن أعتقك؟ فرد ميمون: كلا يا سيدي فسيمنعني الله عنك، فاندهش ابن المبارك وسأله: ماذا تعني؟ فرد ميمون: الانصراف! فسأله ابن المبارك في استغراب: إلي أين؟ رد ميمون: إلي الآخرة.. الساعة.

فقال له ابن المبارك: كلا.. كلا لا تفعل يا ميمون.. دعني أُسر قليلا بك.. وأستمد من نورك .. وأنال من بركاتك. ورد عليه ميمون: لا مناص يا سيدي.. فما عدت أحتمل الحياة.. إنما كانت تطيب لي حيث المعاملة سر بيني وبين ربي سبحانه وتعالي، فأما إذا ما أطلعت عليها أنت وصاحباك، فسوف يطلع عليها غيركم، ولا حاجة لي في ذلك، وهنا طلب ابن المبارك منه أن يخبره عن الطريق الذي سلكه إلي الله، لكي يصل إلي ما وصل إليه من كرامة، فقال ميمون: غادرت البصرة دون أن يعلم أبي أو أحد من أهلي، وحللت مكة فاتفقت مع رجل من أهلها، فزعم أني عبده، وباعني للتاجر الذي اشتريتني منه، واندهش ابن المبارك وسأله: لماذا فعلت ذلك؟

فأجاب: لأقهر نفسي وأذيقها المذلة والهوان، ولكي لا أعبأ بالدنيا، وأكون من الثلاثة الذين يدخلون الجنة أول الناس كما جاء في الحديث الشريف وهم: الشهيد، وعبد مملوك لم تشغله الدنيا عن طاعة ربه، وفقير ذو عيال. ويكمل ميمون: ولما سمعت هذا الحديث وأنا في البصرة قلت: لأكون أنا العبد المملوك الذي لم يشغله رق الدنيا عن طاعة ربه، وقد تحملت من سيدي في البداية ألواناً من المتاعب والمشاق، وصنوفا من المحن التي كابدتها صابرا محتسبا غير متبرم ولا متضجر لوجه الله تعالي، ولما سأله ابن المبارك عن مراودته الجارية السوداء،

أجاب ميمون: كانت محنتي هذه هي مفتاح الصلة بيني وبين الله عز وجل، فقد ذلل لي بعدها كل صعب، وانكشف لي بعدها كل حجاب، فقد كنت أنا وميمونة وحدنا في حجرتها في نصف الليل والجميع نيام، وراودتني عن نفسها، فقلت لها: إنني أخشي الحي الذي لا ينام.. استري نفسك يا زيتونة ـ وكان ذلك اسمها ـ واعلمي أني لن آتي الحرام أبدا ولو قطعتني قطعا، فهددتني وأقسمت إن لم أستجب لها لتقولن لسيدها إنني قد راودتها عن نفسها. فقلت لها: افعلي ما شئت ففعلت، فاندهش ابن المبارك

وسأله: ولكن لماذا اعترفت علي نفسك ولم تكذب الجارية؟ فرد ميمون: أردت أن أصون سمعتها وعرضها عسي أن تهتدي في النهاية إلي طريق الله. فسأله ابن المبارك: أتصون سمعتها وتلوث سمعتك؟

فأجابه ميمون: أردت بذلك وجه الله تعالي الستار جل وعلا، فكان ذلك مفتاح القرب منه والوصول إليه، والآن.. دعني يا سيدي أمضي إلي ما أنا ماض إليه، ثم قام فصلي ركعتين خفيفتين كأنها صلاة الوداع، ثم اضطجع علي الأرض جاعلا وجهه تجاه الكعبة وهو يقول: إلهي.. كما كشفت اليوم سري للناس، فاسترني بلقائك.. إلهي.. إن كنت تحبني بعد كما أحبك، فاقبضني إليك الساعة.. الساعة.. الساعة.

ويروي ابن المبارك: فدنوت منه وحركته، فإذا هو قد مات.. إنا لله وإنا إليه راجعون.

وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم إذ يقول: «رب أشعث أغبر.. لو أقسم علي الله لأبره» صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم».


د. عبدالهادى مصباح
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
قصة العبد مستجاب الدعوة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» الدعوة المحمدية
» طرفة بن العبد

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى شباب الطليعة الثقافي :: منتديات إسلامية :: الثقافة الإسلامية-
انتقل الى: