اتهمت منظمة دولية تعنى بحقوق الإنسان جيش الاحتلال الإسرائيلي باستخدام قنابل فوسفورية في عدوانه الأخير على قطاع غزة.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” إن باحثيها رصدوا انفجارات متعددة في الهواء في التاسع والعاشر من جانفي الجاري للفوسفور الأبيض أطلق من المدفعية بالقرب من مدينة غزة ومخيم جباليا للاجئين.
وأضافت المنظمة أن إسرائيل بدا أنها تستخدم الفوسفور الأبيض لإخفاء عملياتها العسكرية, مطالبة بأن تتوقف هذه الممارسات في المناطق المكتظة بالسكان في القطاع.
وتدعو منظمات حقوق الإنسان منذ فترة طويلة إلى حظر عالمي على الأسلحة الفوسفورية, وتقول إنها تسبب معاناة كبيرة من خلال إحداث حروق شديدة.
في المقابل قال الجيش الإسرائيلي إنه لن يقدم تفاصيل بشأن الذخيرة التي يستخدمها بغزة, مشيرا إلى أنه “يستخدم فقط أسلحة مسموحا بها بموجب القانون الدولي”.
ما هو الفوسفور الأبيض؟ وما خصائصه؟ وما بعض محطات استعماله في الحروب العالمية؟
الفوسفور الأبيض مادة شمعية شفافة وبيضاء مائلة للاصفرار، لها رائحة تشبه رائحة الثوم وتصنع من الفوسفات.
يتفاعل الفوسفور الأبيض مع الأكسجين بسرعة كبيرة، وتنتج عن هذا التفاعل غازات حارقة ذات حرارة عالية وسحب من الدخان الأبيض الكثيف.
في حال تلوث منطقة ما بالفوسفور الأبيض، فإنه يترسب في التربة أو في أعماق الأنهار والبحار وعلى الكائنات البحرية مثل الأسماك، وهو ما يهدد سلامة البيئة والإنسان.
الفوسفور الأبيض يحرق جسم الإنسان ولحمه ولا يتبقى منه إلا العظام، كما أن استنشاقه لفترة قصيرة يسبب السعال ويهيج القصبة الهوائية والرئة، أما استنشاقه لفترة طويلة فيسبب جروحا في الفم ويكسر عظمة الفك.
وبالإضافة إلى كونه سلاحا محرقا، تنبعث من الفوسفور الأبيض أثناء اشتعاله سحابة كثيفة من الدخان تستغلها الجيوش للتغطية على تحركات الجنود.
وتحرم اتفاقية جنيف عام 1980 استخدام الفوسفور الأبيض ضد السكان المدنيين أو حتى ضد الأعداء في المناطق التي يقطن بها مدنيون، وتعتبر استخدامه جريمة حرب.
وتعرف الاتفاقية الأسلحة الحارقة بأنها كل سلاح أو ذخيرة تشعل النار في الأشياء أو تحدث لهبا أو انبعاثا حراريا يسببان حروقا للأشخاص.
استعمل هذا السلاح لأول مرة في القرن التاسع عشر من لدن من كانوا يعرفون بالوطنيين الإيرلنديين، وكان على شكل محلول عندما يتبخر يشتعل ويخلف حريقا ودخانا، ثم استعمله بعد ذلك في أستراليا عمال موسميون غاضبون.
في نهاية عام 1916 صنعت بريطانيا أولى القنابل الفوسفورية، وفي الحرب العالمية الثانية تم استعمال سلاح الفوسفور الأبيض بشكل لافت من لدن القوات الأميركية وقوات دول الكومنولث (اتحاد من 53 دولة جميعها تقريبا من المستعمرات البريطانية السابقة)، كما استعمله اليابانيون بنسب أقل.
قبل الحرب العالمية الثانية كان مصنعو القنابل الحارقة يستعملون فيها المغنيزيوم لإشعال خليطها، لكنهم أثناء الحرب وبعدها أصبحوا يستعملون فيها الفوسفور لسرعة اشتعاله وانفجاره بمجرد الاحتكاك مع الهواء.
كما استعمل الجيش الأميركي أيضا القنابل الفوسفورية في حرب فيتنام، وتحدثت تقارير إعلامية عن أن القوات الأميركية استخدمتها كذلك في هجومها على مدينة الفلوجة العراقية في نوفمبر عام 2004.
وكشف عن هذه المعلومات شريط وثائقي عرضته قناة إيطالية أورد صورا لضحايا معركة الفلوجة وشهادات لجنود أميركيين تثبت استخدام القوات الأميركية هذا السلاح الحارق.
وفي سنة 1991 واجه نظام الرئيس العراقي الراحل صدام حسين اتهامات باستخدام الفوسفور الأبيض ضد الأكراد، وكذلك الجيش الروسي ضد المقاتلين الشيشان في منتصف التسعينيات من القرن الماضي.
وقد استعملت إسرائيل أيضا سلاح القنابل الفوسفورية أثناء اجتياحها لبنان سنة 1982 وفي حربها عليه في جويلية 2006، وكذلك في بعض حروبها مع المقاومة الفلسطينية وقنابل الفوسفور تستخدم عسكريا لإحداث حرائق أو توليد دخان كثيف للتعتيم والحماية، لكن البروتوكول الثالث الإضافي في اتفاقية الأمم المتحدة المتعلقة بالأسلحة التقليدية يمنع استخدام الفوسفور سلاحا هجوميا بحد ذاته، وتعد تلك جريمة حرب.