رابعاً: فتوى الشيخ عبدالعزيز الراجحي - حفظه الله تعالى -: (أرى أن الأناشيد الإسلامية لا
تجوز، ولا سيما الموجود منها الآن في الساحة؛ فإنها أناشيد مطربة فيها تأوهات تشبه تأوهات
الأغاني، فأنت لا تفرق بين الأناشيد وبين الغناء إذا سمعتها، فحتى لو كان ينشد واحد تجده
ينشد ويتأوه مثل تأوهات المغني، لا فرق؛ حتى قيل لي إن بعضهم جعل معها مزماراً وبعضهم
جعلها أناشيد في المولد، هذا أعظم وأعظم والعياذ بالله؛ فصارت فتنة. والأناشيد الإسلامية لو
سلمت من التأوهات والمزامير وغيرها ففيها مشابهة للصوفية؛ فالصوفية هم الذين يتعبدون
بالأناشيد، ثم أيضاً الأناشيد الآن فيها طرب؛ لأن الذي يستمع للأناشيد، حتى لو كانت مفيدة
المعنى، تجده لا يتأمل المعنى ولا يتدبر بل يتلذذ بالصوت متى يرفعون الصوت ومتى ينزلون
الصوت فقط، ولا يتأمل المعنى. لكن إذا كانت القصيدة مفيدة طيبة ينشدها واحد بصوت عادي
والباقي يستمعون كما أن القارئ يقرأ القرآن وحده والباقي يستمعون، يقرأ الحديث واحد والباقي
يستمعون، ينشد القصيدة المفيدة إذا ما كان فيها غزل ولا هجاء ولا لبس الحق بالباطل وليس
فيها محذور فإنه ينشد وحده بصوت عادي غير ملحن وليس فيه تأوهات ولا مزمار والباقي
يستمعون، أما الجماعة فيرفعون الصوت وينزلونه، ولو كان معناها مفيداً وجيداً لا ينتبه للمعنى
إنما ينتبه للصوت ويتلذذ بالصوت متى يرفعونه ومتى ينزلونه وفيه مشابهة للصوفية. أنا أنصح
الشباب بترك هذه الأناشيد وإذا كانت القصيدة مفيدة يقرأها واحد بصوت عادي بلا تأوهات ولا
تلحين والبقية يستمعون حتى يستفيدوا).
يقول الله تعالى: {فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ} وثبت في الحديث الصحيح: (البركة مع
أكابركم)، وفي الحديث الآخر: (إن من أشراط الساعة أن يلتمس العلم عند الأصاغر). قال ابن
مسعود: (لا يزال الناس بخير ما أخذوا العلم عن أكابرهم وعن أمنائهم وعلمائهم، فإذا أخذوا
عن صغارهم وشرارهم هلكوا)، وروى ابن عبدالبر: (إنكم لن تزالوا بخير ما دام العلم في
كباركم).
ولأجل البيان، وإقامة الحجة، ونصيحة الخاصة والعامة؛ إيماناً بقول سيد البشر: (الدين
النصيحة)، كتبت هذا المقال مع علمي بأنه لن يرضي الكثير، والله تعالى من وراء القصد، وهو
الهادي إلى سبيل الرشد.