بسمة الحياة عضـو ناشط
عدد الرسائل : 81 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 26/01/2009
| موضوع: زريـــــــــــــاب الثلاثاء يناير 27, 2009 8:02 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم زرياب..هذه الكلمة التي تعني بالفارسية (الذهب الأسود) أصبحت فيما بعد لقبا لذلك الموسيقيّ البارع , الذي تردّدت ألحانه في جنبات بغداد عاصمة الفن و الحضارة و العلم في العصر العباسي , ثم طارت هذه الألحان محلقة في الافاق حتى كان لها صدى رقيق يلامس أهل الأندلس . انه أبو الحسن علي بن نافع , ذلك الصبي الأسود , الذي ولد حوالي سنة 160ه - 777م فتربى في أحضان الفقر و العدم , ونام فوق بساط البؤس و الحرمان , اشتراه الخليفة المهدي و جعله من مواليه , فأصبح تابعا للسادة و الأشراف, يخدمهم في الليالي الطوال , و هو صابر محتسب , و يمتعهم بين الحين و الحين بعذوبة لفضه و رقة شعوره و نبرة صوته الساحرة . تلقى زرياب تعليمه الأول في الغناء و الطرب على يدي ابراهيم الموصليّ , الذي كان سيد المعلمين في بغداد , كان من أنجب تلامذه و أكثرهم استفادة منه ابنه اسحاق الموصلي , فلما مات ابراهيم و رث عنه الشهرة و المجد و تربع على كرسي التعليم خلافا لأبيه , كان عالما فقيها و شاعرا أديبا يستقبله الخلفاء و يدنونه من مجالسهم , كان زرياب يلازمه ملازمة الظلّ , و ينتهل من علومه و فنونه و يحفظ النغمات حفظا متقنا , حتى قبضت أنامله الفتية على أوتار العود . عندما بلغ العشرين من عمره كان قد أتقن معظم قواعد الفن الموسيقي و أصوله , و أخذ ينتقل من دور الطالب المتلقن الى دور المنتج المبدع , ذات مرة دعا الخليفة هارون الرشيد الى حفل يقام في بلاطه و طلب من اسحاق الذي كان سيد المحافل آنذاك أن يحضر معه مغنيين و عازفين جدّد , فوقع اختياره على زرياب . في بلاط الخليفة و قعت عين هرون الرشيد على زرياب فدعاه اليه وأخذ يمتحنه و يسأله عن فن الغناء , و أصوله , فأجابه زرياب : أحسن منه ما يحسنه الناس , و أكثر ما أحسنه ممّا لا يحسنونه و لا يحسن الا عندك , و لا يدخر الا لك فان أذنت غنيتك ما لم تسمعه أذن قبلك . فتعاظمت الدهشة في عيني الخليفة و أمر باحضار عود اسحاق الموصلي , لكن زرياب أبى أن يناول العود و قال : لي عودي , نحته بيدي , و أرهفته بأحكامي , و لا أرتضي غيره و اندفع يغني..يا أيها الملك الميمون طائره..هارون راح اليك الناس و ابتكروا.. فطرب الرشيد أيّما طرب , و أمر اسحاق برعايته و العنايه به . فلدغت الغيرة العمياء قلب اسحاق و تفتت كبده و التفت الى زرياب قائلا : ان الحسد اقدم الأدواء , و الدنيا فتانة , و الشركة في الصناعة عداوة , اما أن تذهب عني الى الارض العريضة , و اما أن اقيم على كرهي و رغمي فأقضي قضاءك . خرج زرياب من بغداد متخفيا بسترة الليل , و لقى هو و زوجته و أولاده ألوانا من المصاعب و المشاق , فمرّ بسوريا , و عرج الى مصر ثم عبر ليبيا الى أن وصل القيروان , فاستقبله أهلهاخير استقبال . كانت شهرة زرياب قد بلغت مسامع الحكام في الأندلس , فأصبحوا يتلهفون الى لقائه و ويتوقون الى سماعه , ففي عام 206ه و صل الى القيروان منصور المغني رسولا من الخليفة الحكم بن هشام , يدعو زرياب الى زيارة قرطبة, و المثول بين يديه , سرّ فنّننا بهذه الدعوة سرورا بالغا , لكنه فوجئ قبل و صوله بوفات الخليفة , و تولى ابنه عبد الرحمن بن الحكم أمور الخلافة , فاستقبله هذا و وهبه دارا واسعة و هيأ له فيها كل و سائل الراحة و خصص له راتبا شهريا . أحدث زرياب في الأندلس أسلوبا مبتكرا في التعليم الغناء و تلقين الألحان فأنشأ معهدا موسيقيا ينتسب اليه أصحاب المواهب الفنية . كان زرياب يحفظ عشرة ألاف مقطوعة بألحانها و أوزانها , و قد سجل التاريخ له أنه أدخل الوتر الخامس على أوتار العود , وجعله باللون الأحمر , و هو يقوم مقام النفس للجسد , بعد أن كانت الاربعة الأولى تمثل الطبائع البشرية الأربع . لقد نظر الناس الى زرياب على أنه سفير من سفراء الحضارة المدنية الى الاندلس , فأخذو يقلّدونه في ملبسه و مأكله , و يتعلمون منه اللياقة و الذوق و حسن التصرف في كثير من الأمور . تعلموا منه وضع غطاء ناصع البياض على موائد الطعام , و استخدام الأكواب الزجاجية عوضا عن الأواني الذهب , كما تعلموا منه أصنافا متنوعة من الأطعمة الشهية , و من بينها (الزلابية) التي يقال عنها أنها تحريف عن (الزريابية) . و في عام 230ه - 845م سكت البلبل المغرّد عن الغناء , و صعدت روحه الى بارئها , الخالق العظيم , بعد أن قام للموسيقى الأندلسية صرحها الشامخ و مجدها الخالد . | |
|
كمال عضو مميز
عدد الرسائل : 277 العمر : 41 وسام التميز : تاريخ التسجيل : 11/01/2009
| موضوع: رد: زريـــــــــــــاب الثلاثاء يناير 27, 2009 8:19 pm | |
| شكرا على الموضوع ملكن هذا الجل هو الذي اهلك الاندلس لتاكد اسمع اشرطة المؤرخ النسابة احمد بن يوسف الدعيج في تاريخ المغرب والاندلس | |
|