بسمة الحياة عضـو ناشط
عدد الرسائل : 81 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 26/01/2009
| موضوع: أبو الريحان محمد بن أحمد البيــــــــرونـــــــــي الثلاثاء يناير 27, 2009 8:24 pm | |
| بسم الله الرحمن الرحيم ــــ يعتبرالعالم المسلم "أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني" من أعظم العقليات التي ظهرت في تاريخ الحضارة الاسلامية . و يبلغ عدد مِؤلفاته حوالي 180 كتابا و رسالة ضاع معضمها , و لقد اخترع "البيروني" طريقة لحساب محيط الأرض , و أعطى رقما لا يختلف كثيرا عن الرقم الذي نعرفه الآن في ظل التطور العلمي الكبير , كما أنه ناقش بدقة مسألة دوران الأرض حول محورها , و أكّد أن الضوء أسرع من الصوت , و توصل الى الكثافة النوعية الصحيحة لثمانية عشر معدنا , و شرح بدقة كيفية تكوّن العيون و الينابيع , أما أشهر كتبه فهو كتاب عن علوم الفلك باسم "القانون المسعودي" . يقول المستشرق الأمريكي "أرثر بوب" : في أي قائمة لكبار علماء الدنيا يجب أن يكون البيروني في مكانه الرفيع , و غير ممكن أن يكتمل بدونه أي تاريخ للرياضيات أو الفلك أو الجغرافيا أوعلم الانسان أو مقارنة الأديان , لقد كان أبرز العقول المفكرة في جميع العصور . ولد عالمنا سنة 362ه - 973م في احدى ضواحي عاصمة الدولة الخوارزمية , التي تقع حاليا في أوزباكستان السوفياتية , و كان أجداده يعملون في التجارة , و لكن أبا الريحان لم يكن يعرف عنهم شيئا , فكان له من أدبه ما يغنيه عن حسبه و نسبه , و لقد أتقن منذ حداثته اللغات , العربية , الفارسية و السنسكريتية و اليونانية و السريانية , مما أتاح له الاتصال المباشر بمختلف الثقافات الأمم و الشعوب لما بدء نجمه يلتمع في سماء العلم و المعرفة , سمع به الأمير "السمنيّ" نوح بن منصور فاستقدمه الى بخارى , و كم كان مكسب البيروني كبيرا حين التقى في ذلك البلاط بالطبيب الفيلسوف ابن سينا , فأفاد من مواهبه الفذّة و تفتحت أمام عينيه أفاق علمية واسعة , ولكن الأديب الحكيم شمس المعالي أمير "جرجان" استطاع بحيلته أن يجذب اليه هذين العالمين الجاليلين , ليفخر بهما على غيره من الأمراء و ينافس بهما قصور السلاطين , و هناك عكف البيروني على تأليف أول أعماله في التقاويم و التواريخ و مسائل الفلك و الرياضيات و سماه (الأثار الباقية من القرون الخالية) , و لكن السياسة كثيرا ما أضرّت بالعلماء , وشتتت شملهم , ففي سنة 400 ه نشبت ثورة عسكرية زعزعت عرش الامير فاضطر البيروني الى مغادرة "جرجان" و التوجه الى خوارزم . كان أمير خوارزم مأمون بن المأمون قد أسس مجّمعا للعلوم بضّم عدد من المبدعين و من بينهم ابن سينا و ابن مسْكويه , و رأى الأمير أن يكون البيروني أستاذا في هذا المجال , ثم عيّنه مستشارا خاصا له و وكّل اليه بعض الأمور السياسية , ِلما رآى فيه من طلاقة في اللسان و قدرة على الاقناع , فضلّ البيروني على هذا الحال مدة ثماني سنوات . كان سلطان "غزنة" محمود بن سبكتكين قد دبّت الغيرة في نفسه من أمير خوارزم بذالك العدد الوفير من العلماء الذين ازدان بلاطه و عزّت مملكته , فأمر السلطان أن ينتقل هؤولاء العلماء الى بلاطه , و لكن ابن سينا و صديقه أبا سهل المسيحيّ سرعان ما فرّ الى "جرجان" , أما البيروني فقد دفعه الوفاء و العرفان الى أن يظل في قصر أمير خوارزم . سنة 407 قام الجيش بانقلاب عسكري على الأمير ابي العباس بن مأمون و قتلوه فهبّ بن سبكتكين ليحتل خوارزم و ينتقم و يقضي على المتمردين و أمر بقطع رؤوسهم , و همّ أن يبطش بالبيروني لولا تدخل أحد الوجهاء المقربين الى السلطان قائلا : ان البيروني هو أكبر علماء المسلمين , و أكثرهم معرفة بعلوم الفلك , و يجب أن لا نستغنى عنه لما في علمه من فائدة كبرى على الملك و الدولة . في عام 415ه فتح محمود الغزنوي المناطق الشمالية الغربية لبلاد الهند و اصطحب معه البيروني , فكان من نتاج ذلك أنه أقام في الهند ما يقارب الأربعين سنة , عرف طبائع أهل البلاد و عاداتهم , و درس معتقادتهم في الحياة و الموت , و كشف سرّ تقديسهم لبعض الحيوانات , و جغرافيتها و أودعها في كتابه (تحقيق ما للهند من معقولة , مقبولة العقل أو مرذولة) . خلّف هذا العالم الجليل أثار عظيمة في علم الفلك ذكر سبع طرائق مختلفة لكيفية تعيين اتجاه الشمال و الجنوب , و وضع آلة لتحديد بدايات الفصول كما بحث في كسوف الشمس و خسوف القمر....و أعترفت منظمة "ليونسكو"بفضل هذا العالم و أصدرت عددا من مجلاّتها خاصا بجهود أبي الريحان البيروني . تسابقت الأمم و الشعوب الى احتضان البيروني , زاعمة أنه من أبنائها و أنه منسوب اليها , ولكنه كان لا يعتز الا بالعروبة التي آمن بدينها , و كتب مؤلفاته بلغتها , و قد بلغ منه العشق بها أن قال : الهجوّ بالعربية أحبّ اليّ من المدح بالفارسية . و في آخر أيامه أدركه مرض عضال فلزم الفراش , فدخل عليه يوما أحد أصدقائه , فتحامل على نفسه و سأله بصوت خافت عن مسألة علمية , فقال له صديقه : في هذه الحالة ؟؟ فقال البيروني : أودّع الدنيا و أنا عالم بهذه المسألة , خير لي من أن أخلِّيها و أنا جاهل بها ؟ فأجابه صديقه ثم أنصرف , و ما أن ابتعد خطوات فاضت روح البيروني و لقي وجه ربه الكريم , و كان ذلك سنة 440ه - 1048م . بسمـــة الحيــــاة | |
|