بسمة الحياة عضـو ناشط
عدد الرسائل : 81 العمر : 49 تاريخ التسجيل : 26/01/2009
| موضوع: عبد الرحمان الكواكبي الإثنين فبراير 02, 2009 5:29 pm | |
| بسم لله الرحمن الرحيم ــــــــ على شاهد أحد القبور في مقبرة باب الوزير في القاهرة كتبت هذان البيتان هنا رجل الدنيا هنا مهبط التقــــى // هنا خير مظلـــوم هنا خير كاتب قفوا و أقرؤوا أمّ الكتاب و سلموا // عليه فهذا القبر قبر الكواكبي لقد صدق شاعر النيل حافظ ابراهيم , حيث رثى الكواكبي بهذين البيتين , و طلب أن ينقشا على قبره , فمن هو هذا الرجل . انه الثائر السياسي الشهير , و المصلح الاجتماعي الكبير عبد الرحمن بن أحمد الكواكبي , الذي ولد سنة 1265ه - 1848م في حلب من أسرة يمتد نسبها الى الامام علي بن ابي طالب كرم الله وجهه . كان أحد أجداده و هو الشيخ محمد أبو يحيّ الكواكبي , قد وفد في القرن التاسع الهجري الى حلب , من مدينة أردبيل احدى مدن اذربيجان , و اقام فيها يعم في مهنة الحدادة و يصنع المسامير التي تشبه الكواكب في شكلها , فنسبت الأسرة الى هذه المسامير الكواكبية , كان هذا الجد عالما زاهد شديد العبادة ثم توفي سنة 898ه و دفن بجامع أبي يحيّ لا يزل قائما في حي الجلوم الصغرى في حلب . أما الشيخ أحمد ,والد عبد الرحمن قد اشتهر بغزارة علمه و سعة اطلاعه توفي 1300ه - 1882م أما والدته فقد توفيت و هو في أول سن التمييز , فعاهد والده بتربيته الى خالة له من بيوتات أنطاكية و هي من النساء اللواتي قلّ ما يعرف مثلهن في الشرق , اذ كانت مشهورة بالعقل و الأدب البارع , فنشّأته على أدب اللسان و أدب النفس , فكان من أخلاقه الراسخة , الرفق و النزاهة و العزّة و الشجاعة و التواضع و حب الضعفاء , فأتقن في أنطاكية الكتابة و القراءة و تعلم اللغة التركية . عاد عبد الرحمن من أنطاكية بعد ثلاث سنوات , يعيش في كنف والده الذي عمل على أكسابه المعارف الدينية و الأدبية , و برع في اللغات الثلاثة العربية و التركية و الفاريسية. ما كاد عبد الرحمن يبلغ الثانية و العشرين من عمره , حتى أصبح محررا غير رسمي في جريدة "الفرات" الرسمية ثم غدا بعد عام محررا رسميا فيها , غير أن أفكار الكواكبي تضطرب في خاطره و تريد لها متنفسا لكي تصل الى أذان الشعب و تلامس وجدانه , لعلها توقظه من غفلته..فسعى في عام 1878م الى تأسيس جريدة مستقلة أسماها "الشهباء" أول جريدة عربية تصدر في مدينة حلب , و لكن واليها رآى أنها أخذت تبث في نفوس الناس العزّة و الكرامة و تلمح من بعيد الى استبداد السلطان عبد الحميد , فسارع الى تعطيلها و منعها من الصدور , فأتفق مع أحد أصدقائه على أصدار جريدة أخرى سماها "الاعتدال" و كان من أهدافها كشف فساد المواظفين و الدعوة الى التحرر و توعية الشعب بواقعه و مستقبله , فكان مصيرها كمصير "الشهباء" من طرف والي حلب جميل باشا . شغل الكواكبي عدة وظائف حكومية و كان فيها مثالا للأخلاص و الاستقامة فقد عين عضوا فخريا في لجنتيّ المعارف و المالية في ولاية حلب و رئيسا لكتاب المحكمة الشرعية, كان ينفق من جيبه عليها لأنها كانت في أسوء الأحوال و أردئها , ثم عين رئيسا للبلدية فكان أول من وضع على الطرق من خارجها سلاسل من حديد تمنع الجمال دخول المدينة . في عام 1886 فتح الكواكبي مكتب للمحماه سماه "المركز" , فكان يؤّمه المتظلّمون يستشرونه في حل عقد المشكلات . كان الكواكبي , و هو الكاتب الثائر يحس أن السلطة ما تفتأ تطارده و تترصد له , لعلها تخنق في نفسه صوت الحق و نداء الحرية , فقرر السفر الى مصر , لعله يجد هناك متسعا لآرائه و أفكاره . فما ان و صل الكواكبي الى مصر سنة 1899م حتى اخذ ينشر المقلات الحماسية التي يصوّر فيها نقمته على الظلم و الاستبداد بأسلوب رفيع و تحليل عميق , كان ذالك على صفحات جريدة "المؤيد" للشيخ علي يوسف . في عام 1900م نشر الكواكبي كتابيه القيّمين "طبائع الاستبداد" و "أم القرى" , الأول مجموعة مقلات و فصول أخذت من كل مصدر , من القرآن و الحديث الشريف و أمثال العرب أما الثاني عن أوضاع التخلف و التدهور في العالم الاسلامي . كان الكواكبي مع ثلّة من أصحابه السياسين و رجال الفكر و الصحافة قد اجتمعوا في مقهى "يلديز" قرب حديقة الازبكية , حين أحس فجأة بألم في أمعائه , فسارع ابنه كاظم بنقله الى البيت , حيث أصابته نوبة قلبية شديدة توفيّ على اثرها و ذلك عام 1320ه - 1902م فكان لموته أثر كبير في نفوس الفضلاء و العقلاء . حتى أن الخديوي أمر أن يجهّز على نفقته و أن يعجل بدفنه . فرحم الله فقيد العرب , و أحسن عزاء الاسلام و الشرق فيه . | |
|