عدد الرسائل : 178 العمر : 45 العمل/الترفيه : موظف المزاج : جيد وسام التميز : تاريخ التسجيل : 10/11/2008
موضوع: و الجبال اوتادا السبت فبراير 07, 2009 1:29 am
قال تعالى في سورة النبأ : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا (6) وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا (7) تشير الآيةإلى أن الجبال أوتاد للأرض، والوتد يكون منه جزء ظاهر على سطح الأرض، ومعظمه غائرفيها، ووظيفته التثبيت لغيره .
بينما نرى علماء الجغرافيا والجيولوجيا يعرفونالجبل بأنه: كتلة من الأرض تبرز فوق ما يحيط بها، وهو أعلى من التل(1). ويقول الدكتور زغلول النجار: إن جميع التعريفات الحالية للجبال تنحصر في الشكل الخارجي لهذهالتضاريس، دون أدنى إشارة لامتداداتها تحت السطح، والتي ثبت أخيراً أنها تزيد علىالارتفاع الظاهر بعدة مرات(2). ثم يقول: ولم تكتشف هذه الحقيقة إلا في النصف الأخيرمن القرن التاسع عشر عندما تقدم السير جورج ايري بنظرية مفادها أن القشرة الأرضية لاتمثل أساساً مناسباً للجبال التي تعلوها، وافترض أن القشرة الأرضية وما عليها منجبال لا تمثل إلا جزءاً طافياً على بحر من الصخور الكثيفة المرنة، وبالتالي فلا بدأن يكون للجبال جذور ممتدة داخل تلك المنطقة العالية الكثافة لضمان ثباتهاواستقرارها(3). وقد أصبحت نظرية ايري حقيقة ملموسة مع تقدم المعرفة بتركيب الأرضالداخلي عن طريق القياسات الزلزالية، فقد أصبح معلوماً على وجه القطع أن للجبالجذوراً مغروسة في الأعماق ويمكن أن تصل إلى ما يعادل 15مرة من ارتفاعاتها فوق سطحالأرض، وأن للجبال دوراً كبيراً في إيقاف الحركة الأفقية الفجائية لصفائح طبقةالأرض الصخرية. هذا وقد بدأ فهم هذا الدور في إطار تكتونية الصفائح منذ أواخرالستينيات. ويعرف الدكتور زغلول الجبال في ضوء المعلومات الحديثة فيقول إن الجبالما هي إلا قمم لكتل عظيمة من الصخور تطفو في طبقة أكثر كثافة(4) كما تطفو جبالالجليد في الماء ولقد وصف القرآن الجبال شكلاً ووظيفة، فقال تعالى: ﴿ وَالْجِبَالَأَوْتَادًا ﴾ (النبأ:7) وقال تعالى ﴿ وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْتَمِيدَ بِكُمْ ﴾(لقمان:10) وقال أيضاً﴿ وَجَعَلْنَا فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَنْتَمِيدَ بِهِمْ وَجَعَلْنَا فِيهَا فِجَاجًا سُبُلًا لَعَلَّهُمْيَهْتَدُونَ﴾(الأنبياء:31) والجبال أوتاد بالنسبة لسطح الأرض، فكما يختفي معظمالوتد في الأرض للتثبيت، كذلك يختفي معظم الجبل في الأرض لتثبيت قشرة الأرض. وكماتثبت السفن بمراسيها التي تغوص في ماء سائل، فكذلك تثبت قشرة الأرض بمراسيهاالجبلية التي تمتد جذورها في طبقةٍ لزجةٍ نصف سائلة تطفو عليها القشرة الأرضية(5)ولقد تنبه المفسرون رحمهم الله إلى هذه المعاني فأوردوها في تفسيرهم لقوله تعالى: ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ ، وهذه أمثلة من ذلك:
1) قال ابن الجوزي : ﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ للأرض لئلا تميد.
2) وقال الزمخشر﴿وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا ﴾ أي أرسيناها بالجبال كما يرس البيت بالأوتاد.
3) وقال القرطبي :﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ أي لتسكن ولا تتكفأ بأهلها.
4) وقال أبو حيان:﴿ وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا﴾ أي ثبتنا الأرض بالجبالكما يثبت البيت بالأوتاد.
5) وقال الشوكاني:﴿ وَالْجِبَالَأَوْتَادًا ﴾ الأوتاد جمع وتد أي جعلنا الجبال أوتاداً للأرض لتسكن ولا تتحرك كمايرس البيت بالأوتاد. أول الجبال خلقاً البركانية : عندما خلق الله القارات بدأتفي شكل قشرةٍ صلبةٍ رقيقة تطفو على مادة الصهير الصخري، فأخذت تميد وتضطرب، فخلقالله الجبال البركانية التي كانت تخرج من تحت تلك القشرة، فترمي بالصخور خارج سطحالأرض، ثم تعود منجذبةً إلى الأرض وتتراكم بعضها فوق بعض مكونة الجبال، وتضغطبأثقالها المتراكمة على الطبقة اللزجة فتغرس فيها جذراً من مادة الجبل، الذي يكونسبباً لثبات القشرة الأرضية واتزانها. وفي قوله تعالى في سورة لقمان : خَلَقَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا وَأَلْقَى فِي الْأَرْضِ رَوَاسِيَ أَن تَمِيدَ بِكُمْ وَبَثَّ فِيهَا مِن كُلِّ دَابَّةٍ وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء فَأَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ (10) إشارة إلى الطريقة التي تكونت بها الجبال البركانية بإلقاءمادتها من باطن الأرض إلى الأعلى ثم عودتها لتستقر على سطح الأرض . ويجلي حديثالرسولعليه الصلاة والسلامهذه الكيفية، فقد روى أنس بن مالك عن النبيعليه أفضل الصلاة والسلامأنه قال لَمَّا خَلَقَاللَّهُ الْأَرْضَ جَعَلَتْ تَمِيدُ، فَخَلَقَ الْجِبَالَ فَعَادَ بِهَا عَلَيْهَا .. الحديث ). فتأمل في قول النبيصلى الله عليه وسلّمالمبين لكيفية خلق الجبال : "فعاد بهاعليها"، أي أن خلقها كان بخروجها من الأرض وعودتها عليها.
أوجه الإعجاز :
إن من ينظر إلى الجبال على سطح الأرض لا يرى لها شكلاً يشبه الوتد أوالمرساة، وإنما يراها كتلاً بارزة ترتفع فوق سطح الأرض، كماعرفها الجغرافيونوالجيولوجيون. ولا يمكن لأحدٍ أن يعرف شكلها الوتدي، أو الذي يشبه المرساة إلا إذاعرف جزءها الغائر في الصهير البركاني في منطقة الوشاح، وكان من المستحيل لأحدٍ منالبشر أن يتصور شيئاً من ذلك حتى ظهرت نظرية سيرجورج ايري عام 1855م . فمن أخبر محمداًعليه الصلاة والسلامبهذه الحقيقة الغائبة في باطن القشرة الأرضية وما تحتها على أعماق بعيدةتصل إلى عشرات الكيلومترات، قبل معرفة الناس لها بثلاثة عشر قرناً ؟ ومن أخبرمحمداًعليه أفضل الصلاة والسلامبوظيفة الجبال، وأنها تقوم بعمل الأوتاد والمراسي، وهي الحقيقة التي لميعرفها الإنسان إلا بعد عام 1960م ؟ وهل شهد الرسولصلى الله عليه وسلّمخلق الأرض وهي تميد ؟ وتكوينالجبال البركانية عن طريق الإلقاء من باطن الأرض وإعادتها عليها لتستقر الأرض؟ ألايكفي ذلك دليلاً على أن هذا العلم وحي أنزله الله على رسوله النبي الأمي في الأمةالأمية، في العصر الذي كانت تغلب عليه الخرافة والأسطورة ؟ إنها البينة العلميةالشاهدة بأن مصدر هذا القرآن هو خالق الأرض والجبال ، وعالم أسرار السموات والأرضالقائل في سورة الفرقان : قُلْ أَنزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (6)