بسم الله الرحمان الرحيم
كان في مدينة البصرة عابد قد أجهده الخوف و الحزن و أسقمه البكاء و أنحله , فلما حضرته الوفاة جلس أهله يبكون حوله , فأقبل الشيطان و جلس بين أهله .
قال العابد لأهله : أجلسوني , فأجلسوه , فأقبل عليهم يسأل أباه : يا أبتي ما الذي أبكاك ؟
قال الأب : يا بني ذكرت فقدك و وحدتي بعدك .
فالتفت العابد نحو أمه و قال : يا أماه ما الذي أبكاك ؟
فهمس الشيطان في أذنها و قالت : يا بني لتجرعي ثكلك .
فالتفت العابد لزوجته , فوثب الشيطان و جلس بجانبها و تساءل العابد : ما الذي أبكاكي ؟, مال الشيطان على أذنها فقالت : لفقد برّك و حاجتي لغيرك , فالتفت العابد نحو أولاده و سألهم : ما الذي أبكاكم ؟ قالوا : الذّل و اليتم و الهوان بعدك .
عند ذلك نظر العابد اليهم و بكى , فقالوا ما يبكيك أنت ؟
قال العابد : أبكي لأني رأيت كل منكم يبكي لنفسه لا لي , أما فيكم من بكى لطولي سفري ؟ أما فيكم من بكى لقلة زادي ؟ أما فيكم من بكى لمضجعي في التراب ؟ أما فيكم من بكى لما ألقاه من سوء الحساب ؟ أما فيكم من بكى لموقفي بين يدي رب العالمين ؟ . ثم سقط على وجهه فحركوه فاذا هو ميت.
و نعوذ بالله العظيم من عذاب القبر و ظلمته , و وحشته و فتنته , و أكل الديدان و عذاب جهن .
بسمة الحياة