بسم الله الرحمن الرحيم
ـــــ غاندي..الذي ولد في الثاني من أكتوبر 1868 , وكان خجولا لكنه كان جادا , و قد تزوج و هو في الثالثة عشرة من فتاة تماثله في العمر وفقا للتقاليد المتبعة .
عندما كبر غادر بلاده الى العاصمة البريطانية و هناك درس الحقوق , و عاد الى الهند و مارس مهنته , لم يوفق في الحصول على عمل في بلده , فرحل الى جنوب افريقيا , و هناك عمل في مكتب للمحمات . و قام من خلاله بالدفاع عن بعض العمال الهنود في جنوب افريقيا , ومع أنه كان قد خطط لبقائه سنة واحدة , فانه استمر هناك احدى وعشرين سنة , قضاها في الدفاع عن حقوق الهنود بعد أن لمس تعرضهم لجميع أشكال التمييز العنصري .
قاد غاندي العديد من الحملات من أجل تكريس حقوق هؤلاء العمال , و أنشأ صحيفة "الرأي الهندي" التي دعا من خلالها الى عقيدة "الساتياراها" تعني "التحرك الوطني القائم على الحقيقة و الشجاعة و عدم العنف".
في عام 1915 عاد غاندي الى الهند و خلال خمس سنوات أصبح زعيم الحركة الهندية , حيث نظم و قاد حملات سلمية , و أعلن صياما عن الطعام عندما قام أتباعه باستخدام العنف لمقاومة القوانين التي أراد المحتلون فرضها على الشعب , و عندما أصدر أحد الظباط الانجليز أوامره باطلاق النار عشوائيا , و سقط ما يقارب 400 قتيل لم يتراجع غاندي خوفا بل زادت تلك الحادثة من تصميمه على متابعة مواجهة المحتلين بالمقاومة السلمية , ليقوم بعد ذلك بالشروع في برنامج النسيج اليدوي هادفا من خلاله الى تحقيق الكفاية الذاتية و التأكيد كرامة العمل اليدوي و تحدي صناعة الملبوسات البريطانية .
لم يكتفي غاندي بذالك , بل قام بقيادة المئات من أتباعه سيرا على الأقدام في مسيرة استمرت الى مسافة 200 ميل , قاموا خلالها باستخراج ملح الطعام من مياه البحر احتجاجا على قانون يقضي بمعاقبة كل شخص يوجد بحوزته ملح غير مبيع عبر الحكومة .
اذا كانت جهود غاندي و دعوته للمقاومة السلمية قد أفلحت في اجبار بريطانيا على منح الهند استقلالها عام1947 , فان الروح العظيمة التي ظلت تنادي بعدم استخدام العنف , راحت هي نفسها ضحية العنف , فعندما كان في طريقه الى الصلاة في معبد ب"نيو دلهي" قام أحد المتطرفين الهندوس باطلاق ثلاث رصاصات قاتلة عليه , احتجاجا على دعوته لأبناء طائفته بالتعايش مع سواهم من المجموعات الدينية و العرقية التي تضمها الهند , و قد شكل اغتيال غاندي للهند و العالم صدمة و لكنه ظل في بلده و في كل أنحاء العالم رمزا للسلام و الحرية , فاقيم ضريحه بمنطقة "راج غات" ب"دلهي الجديدة" و يتوافدون اليه من أقصى بقاع الهند لأداء الصلوات و الطقوس الهندية , و وضع أكاليل الزهور عليه , و هذا في الثلاثين من يناير من كل عام , وتقوم جميع الولايات بالهند احتفالات كبيرة تقديرا للمهاتما غاندي سمادي الذي يعتبرونه الزعيم الروحي للأمة أو كما يطلقون عليه (أبو الأمة .
بسمة الحياة